Admin Admin
عدد المساهمات : 566 تاريخ التسجيل : 03/12/2011
| موضوع: دراسة بعض أعراض الأكتئاب لدى المسنين الأحد 11 ديسمبر - 0:14:38 | |
| دراسة بعض أعراض الأكتئاب لدى المسنين من الجالية العربية في السويد
تعد مرحلة الشيخوخة من أكثر المراحل العمريـة التي تنبؤ الأنسان بقرب أجله والتي يكتنفها بصــورة عامة نوع من الأضطرابات على المستوى الفسيولــوجي والسايكولوجي والذي يتمثل بالخمــول والعجـــز والعزلة والحزن والفراغ الكبير، بعد أن كانت حياته ترفل بالنشاط والفعالية والمتعة في المراحل العمريـة السابقة لهذه المرحلة ، حيث أن فتور حيوية الحياة وفعاليتها يضفي نوعاً من الحزن والقنوط بالنسبة للمسن وخاصة عندما يشعر بفارق التغيرات التي تحدث له مع مرور الزمن وعلى كافـــة الأصعدة والميادين وقد يكون من أشد هذه المتغيرات وطأة عليه ومن أكثرها مدعاة للحزن والعزلــة هو أنعدام حالــة التفاعل مــع الأسرة والمجتمع الذي يحيا فيه. أن الشيخوخة في بلاد المهجر تبدوا أكثر تعقيــداً وألماً على نفسية المسن وذلك من خــــلال فقد المسن للأقران وأصدقاء الطفولة والعمل في البيئة الجديـدة وهو من العسير عليه تكوين صداقات جديدة وهذا مما ينعكس على عدم الكفايــة في إشباع مشاعر الحب والصداقة والأنتمــاء للمــكان والزمان معاً، حيث تلعـب البيئـة الجديدة دوراً كبيراً في التأثير على سلوكه النفسي والأجتماعي بشكل ظــاهر وقد ينعكس هذا التأثير سلباً على أنخراطه بالمجتمع الجديد وبالتالي يجعله أسيراً لمشاعر الحزن والتعاسة والأكتئاب.
إن كل أنسان يشعر بالحزن والآسى في بعض المواقف التي تتطلب ذلك، وهناك من الوان الحزن ما يكون وقعه شديد على الذات كفقدان شخص عزيز من محيط الأسرة أو المجتمع أو حالات الطــلاق الـتي تحدث بين الأزواج والتي قد تصبح هذه المشاعر فيما بعد أقل حدة بمرور الزمن، وقد يؤدي هذا الحــزن الشديد الى درجة من درجات الأكتئاب لدى المسنين الذين تؤرقهم الوحدة والذين فقدوا سلطتهم الوظيفيـة، حيث أثبتت البحوث والدراسات بأن الأنسان المسن قد يكون لديه أكتئاب نفسي دون أن يدري وقـد تتكون لديه أعراض هذا الأكتئاب عبر المواقف الصعبة والتي تنبؤ عن حزن شديد والمتراكمة عبر السنين، وقد أظهرت الأحصاءات أن (19%) من المسنين يعانون القلق وعدم الأرتياح وأن نسبة (8%) منهم يعـانون من الأكتئاب. ( 281:21 ).
أن من بين الأسباب التي تؤدي الى إكتئاب المسنين هي تلك المتعلقة بالتغيــرات الفسيولوجيـــــة والتي تحدث في هذه المرحلــة العمريـــــة والمتخذة خط الأنحدار السالب في العمليات الوظيفيــة لأجهـزة الجسم المختلفــة، ومايترتب على ذلك من أستخدام مفرط للدواء والعقاقير الطبيـــة والتي هي وأن كانت مفيدة من جانب الاأنها تكون ذات تأثيــــر سلبي من جوانب أخرى والمتمثل بالأعراض الجانبية لهذه العقاقير، حيث تكون الكأبة في صـدارة هذه الأعراض، وهذا ماتؤكد عليه بعض الدراسات من أن تعاطي أنواع معينة من الأدويـــة والعقاقير المتعلقة بضغط الدم وأدوية القلب أو مضادات الآلآم وغيرها تعد من العوامل المساعدة على أصابة المسنين بالأكتئاب النفسي بالأضافة الى ضعف القدرة على الحركة والأنتقال مما يجعل المسن يعيش في دائرة ضيقة وهذا ينعكس على نفسه بالضيق والملل. وتفيــد الدراسات المتعلقة بهذا الشأن بأن هناك فروق دالــة لمشاعر الأكتئــــاب بين الجنسين ولصالح الأناث ، حيث أن المرأة أكثر معاناة من الرجل بالنسبة للأعراض الأكتئابيــة ، وهذا مادللت عليه دراســـة كلبرتسون (Culbertson, 1997) ، من أن النساء قد تفوقـن على الذكور خلال السنوات الثلاثين الأخيرة من حيث نسبة المعاناة والأصابة بالأكتئاب بما يعادل الضعف.( 25:24). وقد عضد النتيجـــة أعلاه ماتوصل اليه كل (Rufaie & Absood,1994)، من أن نسبة المريضات من النساء قد فاق نسبة المرضى من الذكور وفي كل من اشكال أضطرابات الأكتئاب.( 245:32). أن البحــوث الميدانيـــة أثبتت بأن الأكتئـاب الشديد لدى المسنين وخاصة الذين يتم إهمالهم ولايتمتعون بالمتابعة والعناية من قبل المختصين سيؤدي بهم هذا الى الأنتحــار ويكون ذلك بصـورة أكثـر أنتشاراً بين الرجال مقارنة بالنساء ، فالرجال البالغون من عمر(80 ـ 84) سنة ينتحر منهم مامقداره (479) مسن لكل مائة الف، في حين ينتحر من النساء من نفس الفئة العمرية(59) مسن لكل مائة ألف.( 96:6 ). أن نسبة المسنين ونتيجـــة للتطــور التكنلوجي والصحي آخـــذ بالأزياد سنة بعد أخرى، وذلك لتطــور مستلزمات الرعايـــة الصحية قياساً بما كان سابقاً وأن أزدياد هذا العدد مع تعاظم وجود المشكلات النفسية وخاصة المعاصرة منها تنعكس سلباً على حياة المسنين، حيث تشير الأحصاءات العالميــة لعـــام (2006) بأنه يوجــد في الوقت الحاضر (688) مليــون مسن بعمر(60) سنة فما فوق ، وأن هذا العــــدد في أزدياد مضطرد ، حيث أنه سيصل الى ملياري مسن عام (2050) ، وسيكون المسنون حينــــها أكثر عـــــدد من مجموع فئـــــة الأطفال مابين يوم واحد الى أربعـــة أيام وهذا يعني أنهم سيشكلون نسبة(25%) من سكان الأرض خلال العقـود المقبلة، علماً أن نصف سكان المسنين في الوقت الحاضر والذين يبلغون سن الستين سنة يعيشون في المجتمعات النامية.(1:34).
أن أكتئاب المسنين يمثل بحـــد ذاته مشكلة طبية ونفسية وأجتماعية، فمن الناحية الطبية يكون الأكتئاب جزءاً من منظومة مرضية متعــددة الأركان وهذا ينعكس على صعوبة التشخيص والعلاج، أما من الناحية الأجتماعية فأنها تكمن في تزايد أعداد المسنين في الوقت الحاضر يرافقه تزايد إنشغال الأبناء عنهم بإعباء الحيـــاة المختلفة مما يضفي هذا أن يكون المسن عبئاً أخر عليهم وهذا الأمر قد يشعره بالعزلة حيث لم يعد أحد بحاجـــة اليه وهذا ماينعكس سلباً على شعوره الذاتي وبالتالي على تقديره لذاته، أما من الناحية النفسية فأن المسن يشعر ويتعايش مع مشاعر الفقد سواءاً تلك المتعلقة بفقدان الزوج أو الأصدقاء وخاصة اصدقاء صباه ورشده وكذلك فقــدان الوظيفــــة والقدرة على الكسب وفقدان الهدف من الحيــاة وخاصة وهو يشعر بقرب نهايته المحتومة، وهذا مايدفعه للوقوع في شباك الأكتئاب وبشكل يسير، حيث أن المسن يدور ظهره للحيــاة بعد أن كان مقبلاً عليها ومستئنساً بها ومتمسكاً بأذيالها ثم يبدأ بالشعور بأن زمن الرحيل قد آن وأن النضــــارة قد هجرته والقوة قد خذلته وبالتالي فهو مقبل على مجهول لايعرف كنهه ولايدري ماذا سيئول اليه المصير، ورحم الله الأمام علي(ع) حين يقول ( وكم أكلت الأرض من عزيز جسد وأنيـق لون ، كانت الدنيا له غدي ترف وربيب شرف ، يتعلل بالسرور في ساعة حزنــه ، ويفزع الى السلوة أن مصيبة نزلت به، ظناً منه بنظارة عيشه وسماحة بلهوهه ولعبه). أن صـــور الأكتئاب لدى المسنين غالباً ما تكون مختلطـــة مع أعراض جسمانيــة مثل سؤ التغذيــــــة وأضطرابات الجهاز الهضمي وعته الشيخوخة ، حيث نجدهم غالباً مايشكون من مناطق متعددة من الجسم ويفقدون الشهيـة للطعام والشراب فيصابون بالضعف والأمساك وهذه ما قد يؤدي الى الشرود والوجوم في هيئتــه وحالتــه العامــه، وقد يصاحب الأكتئاب عند المسنين ظهور بعض أعراض الذهان لديهم وذلك من خــلال الأعتقادات التي تساورهم حــول المحيطين بهم كأن يعتقدوا في بعض الأحيــان بأن ذويهـم يمنعون عنهم الطعام والشراب أو يضعون السم له في الطعــام من أجل التخلص منهم ثم الأستيلاء على ممتلكاتهم، وقد يصل الحال بــه الى الشك بأقرب الناس اليـــه، أما في حالة الأكتئـــــاب الشديد فأن المسن قد يفكر في الأنتحار وقد يقدم عليه فعلاً ، ولايستبعد مثل هذا السلوك منه لاننا أمام منطق مرضي وليس عقلاني وهو مرتبط بأضطرابات كيميائية في المخ وقد تدفعه حقاً للاقدام على مثل هذه الأعمال.
أهمية الدراسة :ـ تكمن أهمية الدراسة الحالية من خلال مايشكله مرض الأكتئاب بصورة عامة من أخطار على المجتمع وبدرجات متفاوتة، حيث يؤكـد ولسين ( Wulsin , 1996) أن خطر الأكتئاب في درجاته المرضية لاتقل أهمية عن خطر الأمراض الجسمية الشائعــة والشديدة كأمراض الأوعية الدموية والقلب ويعضد رأيـه هذا من خلال الدراســة المسحيــة التي أجــراها على عينــة أشتملت على (11242) من المصـــابين بمــرض الأكتئاب ، حيث خلصت الدراســـة الى أن مخاطر الأكتئـــاب سواء بلـــغ المستوى المرضي أو ظـــل في المستوى العصــابي تتساوى أو تفــوق الأمراض الجسمية المعروفــة بما في ذلك أمراض القلب وأمراض الروماتزم والسكري وكذلك أمراض الجهاز الهضمي. كما يؤكد ولسين ، بأن هناك علاقـــــة مؤكـــــدة ودالـــه بين الأكتئاب والأنتحــار، حيث يبين أن نسبة المنتحرين من بين المكتئبين تزيد على غيرها لتصل الى ما يقارب(15%)، ومن بين حالات الأنتحار التي تبين أن نسبة(80%)، منها بسبب حالات الأكتئاب.( 74:35).
ويرى Ibrahim, 1996)) ، أن فرص الشفاء من الأمــــراض الجسميــة وأضطــرابات الـوظـــائف العضويــــة والتي ( غالباً مايعاني منها المسنين)، تأخذ زمناً أطول أذا كانت مصحوبة بالأكتئاب، في حين تزداد فرص الشفاء والعلاج السريع حينما يكون المريض من النوع المتفائل والمبتهج.(153:27). وقد يكون هذا راجعـاً في حقيقــة الأمر الى أن المسنين ميالون الى تضخيم إحساسهم بالألم مع عدم الرغبة في متابعـــة العلاج الطبي أو اللتزام بالخطط العلاجيـــة وتناول الأدوية ، وهذا ماينعكس سلباً على فـرص الشفاء من الأمراض التي يعانون منها. تشير البيانات التي خلصت اليهــا بعض الدراسات الى أن من بين (50 ـ 60 %) من المسنين يعانــون من أكتئاب الشيخوخـــة وهذا مايدفع في حقيقـــة الأمر للعمل والبحث للتعرف على الطبيعـة السايكولوجية للمسنين وتشخيص مظاهرها وأبعادها وكذلك دراســة الأضطرابات النفسية المصاحبة لها مما يساعد فعلاً على معرفـــة الأسلوب الأمثل للتعامل مع هذه الشريحــة من المجتمع والتي أعطت الكثيــر وأفنت ربيــــع عمرها من أجل خدمة المجتمع وتقدمه وأزدهاره ، وبذلك يمكن تقديــم النمـــوذج السليم لرعايتهـــم وإعادة تأهيلهـم والكشف عن جوانب العطاء لديهم لتحسين جودة حياتهم، فلا يزال في عمرهم المتبقي منفعة وخير وقد ينبري يوماً في شيخوختهم ما به من العطــاء الفكري والمعرفي مايعادل سنوات العمر اجمعها لوتهيأة له الظروف المناسبة، ورحم الله الشاعر الذي يقول:
قد تطول الأعمار لاخير فيها ويضـــم الأمجـــاد يوم قصيرُ أن معاناة الشيخوخة في بـلاد المهجرقد تكون مضاعفة قياساً بمثيلتها في البلد الأم، وخاصة عندما يفقد المسن شريك حياتـــه ويترك مترمــلاً مكسور النفس والخاطر منتظراً يومـــه الآتي ويتفرق عنـــه الأولاد بالأضافـــة الى بعده ورحيلــه عن الأحبــة وأصدقاء الطفولة والشباب ، حيث يبتعــد عنهم حاملاً همومـــه وأوجاعـــه ويواسي تكسراته النفسية التي لاتجبر وجروحه الغائرة في أعماق نفسه والتي لاتندمل، كل هذا في حقيقـــة الأمر يجعلــه يعاني من الأغتراب والأكتئاب معاً ومالهــذه المعاناة من تأثير سئ على وضعـه النفسي والجسدي وعلى توافقه الذاتي والأجتماعي وعلى حياته بشكل عام.
ويمكننا إجمال أهميـــة هذه الدراسة في ناحيتين مهمتين، الناحية االثقافية والتي من خلالها نسلط الضؤ على ماهيـــة حقيقة الأكتئاب لدى المسنين وماهي الأسباب المؤديـــة اليـه ، حيث نحاول تقديم فهماً نظرياً لطبيعـــة العلاقة بين الأكتئاب والشيخوخة ، وعلى حد علم الباحث تعد هذه الدراسة الآولى من نوعها التي تتصدى لظاهـــرة الأكتئاب لدى المسنين العرب في بــلاد المهجر، وهي قد تسهم بذلك في إغنـــاء الجانب النظري للثقافة وطرق البحث بشكل عام، خاصة وأنها تقدم مقياساً لقياس الأكتئاب لدى المسنين العرب في بلاد المهجر والذي يمكن الأعتماد عليـــه في الدراسات المختلفــــة التي تتناول شئون المسنين ، من أجـــل الكشف المبكر عن حالات الأكتئـــاب لديهم قبل تعقـــد أحوالهم النفسيــة وتتحول بمرور الزمن الى حالـــة مرضية يكون من الصعب التعامل معها والتي قد تؤدي في الكثير من الأحيان الى الأنتحار. أما من الناحيـــة التطبيقيـــة ، حيث من المتوقع أن تسهم هذه الدراسة في مجال التربية وعلم النفس بما تسلطه من ضـــؤ في الكشف عن مسببات الأكتئـــاب لـــدى المسنين والكشف عن عواملـــه وخصائصـــه ومجالاتــــه ، وبالتالي وضع البرامـــج والخطط العلاجيـة والأرشادية للتخفيف من حدة الأكتئاب لدى هذه الشريحــه من الأفراد من أجل تحقيق بعض الأجواء المناسبــة لتحسين جودة الحياة لديهــم وكذلك من أجل إبقائهم جهد الأمكان يتمتعون بمستوى مناسب من الصحة النفسية السليمة.
أهداف الدراسة :ـ تهدف هذه الدراســـة بالأضافـــة الى بناء مقياس للأكتئاب النفسي للمسنين العرب في بلاد المهجر الى الآتي: أولاً :ـ التعرف على مستوى الأكتئاب النفسي للمسنين العرب في بلاد المهجر. ثانياً :ـ هل هناك فروق ذات دلالة إحصائية في إكتئاب المسنين تبعاً للمتغيرات التالية:ـ 1 ـ الجنس ( ذكر، أنثى). 2 ـ الحالة الأجتماعية ( متزوج، مترمل).
حدود الدراسة :ـ تقتصر الدراسة الحاليـــة على عينــــــة من المسنين والمسنات العرب في مملكة السويد والمقيمون في محافظات ( ستوكهولم ، مالمـــو، يتبـــوري ، لوند وهاسنبوري)، من العام (2008) وكذلك بالمتغيـــرات المستخدمة في هذه الدراسة.
تحديد المصطلحات :ـ هناك العديد من التعاريف التي تصــدت لبيان مفهوم الأكتئاب ( Depression ) ، فمثلاً يعرفــــه بيك ( Beck, 1976)، بأنه أستجابة لاتكيفيــــه مبالغ فيها وتتم بوصفهــا نتيجــة منطقيــة لمجموع التصورات والأدراكات السلبية للذات أو الموقف الخارجي أو المستقبل أو للعناصر الثلاث مجتمعه. ( 34:19). أما زهـــران فيرى بأن الأكتئاب هو حالة من الحزن الشديد والمستمر من الظروف المحزنــة والأليمة تعبر عن شئ مفقود وأن كان المريض لايعي المصدر الحقيقي لحزنه.( 169:12). وتعرفه الجمعيــة الأمريكية للطب النفسي ، بأنه حالة تحتوي على عدد معين من الأعراض على الأقل من قائمة الأعراض التالية وتمتد هذه الأعراض لفترة زمنية معينة وهي كالتالي:ـ
• المزاج المكتئب ( Depressed Mood)، ويكون معظم زمن اليوم تقريباً. • فقدان المرح ( Look of Pleasure)، ويكون ظاهر في الأنشطة اليومية. • التغير في الجانب الحركي ( Change of Mobility)، فيصبح بطيئاً مع ظهور الإيحاءات العصبية ( Nervous Gestures). • الشعور بعدم الأهمية والقيمة ( Worthless)، ولوم الذات ( Self- reproach), والشعور المفرط بالإثم ( Guilt). • الأفكار الأنتحارية ( Suicidal Thoughts).(2:22). أما التعريف الذي يتبنــاه الباحث للأكتئاب ، فهو حالة من شعور الفرد بالهــم والحزن واليأس والقنوط مصحوباً بأحساس دائم بالذنب ولـوم الذات مع إنخفاض في مستوى الأداء النفسي والأنفعالي والأجتماعي ويلازمه شعور بكرهه الحياة وتمني الموت. وأجرائياً يعـــرف الأكتئاب بأنه مجموع الأستجابات ( الدرجات) التي يحصل عليهـا الفرد على فقرات المقياس المعد لهذا الغرض. ويمكن تعريف المسنون ( Elderly)، بأنهـــم مجموعــة من الأفراد من كــلا الجنسين والذين يحملون الجنسيات العربيـــة والذين يقطنون في مملكة السويد ومن الحاصلين على الجنسية أو الأقامـــة في المملكة والذين تتحدد أعمارهم من ( 60) سنة فأكثر.
مفهوم الأكتئاب : Depression ورد مصطلح الأكتئـــاب في نصوص الحضارات القديمة ، حيث ميزه قدماء الأغريق كإضظراب في المــزاج ونسبوه الى زيـادة السوداء في جسم المكابد ، وكلمـة سوداء ( Melancholy ) مشتقة من الكلمة الأغريقيــة أسود ( Melan)، وصفراء ( Cholia)، وكذلك في النصوص الأنكليزيــة القديمـة حيث تشير كلمــة ( Melancholia) الى السوداء وهي الكلمــة التي أستخدمت طــوال عدة قرون لوصف إضطراب المزاج. ويعــد هيرقراطس اول من أشار في كتاباته الأوليــة الى الميلانخوليا ( Melancholy) ، والذي يعــد المصطلــح الأول للأكتئـــاب ، وعرفـــهُ أرسطو طاليس منــذ حوالي (350) عاماً قبل الميـــــلاد على انه الميلانخوليا ، وهو طبع يحير العلماء والعظماء والفنانين والشعراء وحتى الساسة الكبار، وفي نهاية القرن الخامس عشر وصف فيلكس بلاتر ( Felix Platter) الميلانخـــوليا بانــها نــوع من الأغتــراب العقــلي ( Mental Alienation) الذي تكون فيه الأحكــام والتصورات محرفة بدون سبب أو داع، وكان كريبلن ( Kreapelin, 1921) أول من فصــل بين الجنــون كمــرض ذاتي والأكتئـــاب وأنه أوضح العديـــد من الأضطرابات النفسية المتعلقة به. (33: 117). تحدث بيرتون ( Burton) قبل أكثر من ثلاثـــة قرون عن الميلانخوليا ووصف أعراض هذا المرض كما يصفها الطب النفسي المعاصر وكذلك وضع له من الأسباب الموضوعية والتي تخالف كثيراً ماجاءت به الشعوذات والخرافات التي كانت تسود عصـــره لتفسير الأضطــرابات النفسيــة بإنها نتــاج للــعفاريت والتلبس الشيطاني.( 115:31). وللاسف الشديد لايزال قسم من هــذه المعتقدات والتفسيرات الغير منطقيـــة والاعلميـــة تسود عالمنــا العربي ولحد هذه اللحظة ، علماً بأننا نلمس وصف لحـالات الأكتئاب عند أعظم وجوه الطب العربي كأبن سينا (Avicenna,980) ، حيث يشير في كتاباته الى أمراض مثل الهستيريا، الصرع ، إستجابات الهوس والميـــلانخوليا ، حيث يعرض لنا كولمان ( Kolman) حالــة عالجها أبن سينا لإحــد المرضى الذي كان يعاتي من الميلانخوليا، والتي لامجال لذكرها الآن. ( 11 :124). أن الأكتئاب من وجهة نظر سيلغمان ( Seligman, 1976) ، هو مظهر من مظاهـــرالشعور بالعجز حيال تحقيق الأهداف عندما تكون تبعية اليأس منسوبة الى علل الشخصية وفي هذا السياق فإن الأمل يكون مفهوماً كوظيفة لإدراك مدى أحتمال حدوث النجاح في صلته بتحقيق الهدف.(175:33 ). أما موسوعـــة علم النفس فترى أن الأكتئاب هو حالــة من الأضطراب النفسي التي تبدوا أكثر ماتكون وضوحاً في الجانب الأنفعالي لشخصية المريض أذ تتميز بالحزن الشديد واليأس من الحياة ووخز الضمير وتبكيته القاسي على شرور لم ترتكبها الشخصية في الغالب، بل تكون متوهمة الى حد بعيد.(14 : 110 ).
ثانياً:ـ نظريات الأكتئاب : Depression Theories الحقيقـــة هناك العديد من النظــريات التي تصدت لتسليط الضؤ على هذا المفهـــوم كل وفـــق مبادئــه وتطلعاته ، فمثــلاً ترى مدرسة التحليل النفسي ( Psychoanalysis) ، والذي يعد سيجموند فرويد ( S. Freud) الأب الشرعي لها ، بأن الأكتئـــاب هو نتاج لعملية الصراع بين الدوافع والرغبات من جهه وبين الجوانب الوجدانيـــة من جهــة أخرى بما يحويــه هذا النتاج من مشاعر الذنب، ويعبر علماء التحليل النفسي عن مفهـــوم الأكتئاب بانه ناتج عن عدم تلبيـــة الفرد لرغباته الجنسية المبكرة وإشباع حاجة الحب وهنا تنتاب الفرد حالــة من الشعور بالغضب والكراهية والعداء نحو موضوع الحب وتتحول هذه المشاعر وبفعل شعوره بالذنب الى الداخل أي نحــو الذات ، لــذا فأن الأكتئاب من وجهـــة نظر هذه النظريــة ماهو الأحنق وغضب بسبب الأحباط وخيبة الأمل في إشباع الحاجة الى الحب. وتشير هذه النظريـــة على أن الأكتئاب هو عبــارة عن غضب موجه داخليــاً نحو الذات نتيجــة لفقدان حقيقي او رمزي ( غضب لاشعوري) ، على الرغم من أن العديـــد من الدراسات أثبتت أن كمية العدوانية لدى حـــالات الأكتئــاب ليست عاليـــة ذلك أن الأرتباط يكون منــوط بالفشل أكثر من أرتباطـه بالعدوانية. ( :3 642). ويرى أصحاب هذه النظريـــة بأن الأكتئاب هو عمليـــة نكوص للمرحلة الفمية والسادية وأن الشخص المكتئب يحمل شعوراً متناقضاً من ناحية موضوع الحب الأول( الأم)، ونتيجة للإحباط وعدم الإشباع في مراحل نموه الأولى يتولد لديـه أحساس بالحب والكراهية والحرمان والنبذ وبعمليات دفاعية لاشعورية من الأسقاط والأدماج والنكوص ولتناقض عواطفـــه أزاء موضوع الحب المفقود يمتص طاقتــه ويدمجها نحو ذاته أي نحو ( الأنا). ( 8 : 134 ).
وقد وصفت النظريـــة السلوكيــــة الأكتئاب ، بأنه فقــدان عمليــة تدعيــم السلوك ، حيث يرى فيرستر (Ferster) أن السلوك المرضي هو نتيجــة مباشرة من خـــلال تفاعل الفرد مع البيئة ، ومحصلة تعليميــة لسيرة الفرد وهو يرى بأن وجود الأكتئاب يقلُ بالتدريج عن طريق التدعيم الأيجابي للسلوك. ويؤكد لازاروس ( Lazarus)، على أن الأكتئاب هو عدم كفاية المدعمات للسلوك ، وهنا يتفق الأثنان بأن الأكتئاب أنطفاء يتعضد ويتضح مع نقص التدعيم وينتج عنه ضعف الأدوار التي يؤديها الفرد . ( 33 : 170). وكذلك يرى أصحاب هذه النظريـــة ، بأن الأكتئاب هو خبرة نفسيــة سلبيــة مؤلمــة وماهو الا ترديــد لخبرات تعلمها او صادفها أو مر بها الفرد في صغره ولم يستطع أن يحلها أو يزيلها من عقله. (8 :134). في حين يرى أصحاب النظريــــة المعرفية ( Cognative Theory)، وعلى رأسهم بيك ( Beck) ، والذي يقسم المفهـــوم الخاطئ للشخص المكتئب الى مفهوم ثلاثي المعرفــــة أو مايسمى بالثالوث المعرفي ( Cognitive Triad) والمتضمن معرفـة المريض أو منظوره لعالمه، ومعرفته لذاته وأخيراً معرفته لمستقبله ، وأن للمرضى المكتئبين مجموعـــة من الخصائص الإدراكيـــة والتي تتمثل في أنخفاض أحترام الذات ( (Self Low- regard ، وفقـــدان الذات ( Self-lose )، ولــوم الذات ( Self-blame )، ومطالب الذات ( Self-demands )، والرغبات الأنتحارية ( Suicidal Wishes).(8 :135 ). أن لأضطرابات الأكتئابيـــة تنشئ من وجهــة نظر بيك على أساس الأضطرابات المعرفية ، أذ تتصف البنى المعرفيــة بالتشويه بدرجات مختلفـــة وهذه التشويهات المعرفيــة ( الأخطاء المعرفية) هي شكل من التمثل الغيـر ملائم للمعلومات بوصفها أستنتاجات عشوائية وتجريدات أنتقائيه وتعميمات مفرطة وتضخيم ( Magnification) وتفكير أخلاقي مطلق وشخصانيه ( Personalization ) الأمر الذي يؤدي الى أن يصبح محتوى المعرفيـات عند المكتئب مشحوناً بالنظرة المتطرفة والسلبية للذات والعالم والمستقبل، وهذا يعني ومن خلال ماسطره بيك ، من أن الأعراض الأكتئابيــــة ومن منطلق النماذج المعرفيــة السلبية ، أن الشخص المكتئب يكون مشلول الأراده ومنخور الهمـه مفتقر للدوافع للعمل والمشاركه وبالتالي فهو عاجز عن التصدي لمشكلاته أو حلها مهما كانت هذه المشكلات وهــــو في ذات الوقت متشائم وبائس ، وعندما تزيد هذه المعرفة الثلاثيـــــة السالبة وتطغى فأن درجـــة الأكتئاب لدى الفرد تكون عالية وقد تؤدي به الى الأنتحار. وأشار كل من ميلجس و باولبـي ( Melges & Bowllby) ، الى أن لليأس ( Hoplessness) دور كبير في أحساس الفرد بالمشاعر الأكتئابية ، حيث ان الأمل واليأس يؤديان بالمريض الى تقييم قدرته على تحصيل أهدافه الأولية وهذا التقييم يعتمد على نجاحه الأول في تحصيل أو تحقيق أهدافه بشكل عام ويكون لدى المكتئب شعور باليأس حول مستقبله عندما يعتقد بأن إمكاناتــه ومهاراته غير قادرة على أن تبلغه الى الأهـــداف وأنه فاشل لانه لايمتلك القــدرة على بلوغ هذه الأهداف وهذا ما قد يجعله مدفوعاً للإعتماد على الأخرين وبالتالي فأن مجهوداتــه السابقة فشلت في تحقيق الأهـــداف ومع ذلك فأن مشاعر الأكتئاب تجعله غير قادر على تحقيق أهدافه وتبقى ذات أهمية ويصبح مشغولاً بها.( 33 : 173).
ثالثاً :ـ خصائص مرحلة المسنين : تعــد هذه المرحلة العمرية من المراحل التي يختتم فيها الأنسان حياته بصورة عامة، وهي كغيرها من المراحـــل تتميز ببعض التغيرات الطبيعية والنفسية والأجتماعية والعقليــة وهذه التغيرات في حقيقة الأمر تأخذ خطاً منحياً نحو التدهــور والضعف بحكم الأستمرارية في التقدم العمري الذي يصحبة أستمرارية في موت وتدهور خلايا الجسم، وهذه التغيرات تأخذ مجالات وجوانب عديدة والتي يمكن أجمالها كالأتي:
1 ـ الخصائص الجسمية: وتتضمن هذه الخصائص التغيرات الظاهريــة والمرئيــة مثل تغيرات الجلـــد والشعر والوجه واليدين وكذلك القدرة الحركيـــة بشكل عام والتي تتمثل بالبطء في المشي أو التوكئ على عكــازه بالأضافـــة الى التغيرات الداخلية التي تحدث للهيكل العظمي والأحشاء وأجهزة الجسم المختلفة.( 4: 96). وبصورة عامــــة أن المسنين يعانــون من ضعف في الجهاز العصبي والذي ينعكس سلباً على النشاط الحركي حيث يفقد المسن الدقـة والمهارة والأتزان ، وكذلك فأن الأجهزة الداخليـة يصيبها الوهن ويتسرب الضعف الى القلب والمعدة والرئتين والجهاز العظمي لنقص مادة الكالسيوم فيه فتتقوس القامة وتضغف الساقين عن حمل الجسم وتتساقط الأسنان. ( 9 : 301). أما بالنسبة للمخ فينقص وزنه وتمتد التجويفات من الجانبين ويضيق شريط اللحاء ويظهر التدهور في الجهاز العصبي مبكراً في الشيخوخة. ( 13 : 373). بالأضافــة الى ذلك فأن هناك تغيرات أخرى والتي تتمثل في تغير قوة دفع الدم وتغير السعة الهوائيـة للرئتين وإنقطاع الحيض لدى المسنات. (16 : 53). وهو من جراء كل هذا يشعر بالأحبــاط الشديد في نفسه من حيث فقــدان القدرة على ممارسـة الأعمال المختلفـــة وهذا مايضفي عليه شعوراً بأنه كيان ناقص يحتاج الى المساعدة والعون ، وقد يكون نتيجة لهذا الأحتياج الدائم لمساعدة الأخرين أن يتضايق و يبتعد الأخرون عنه، ورحم الله الأمام علي (ع) حين يقول: ( وليغتنمُ كل مغتنمّ منكم، صحته قبل سقمه، وشبيبته قبل هرمه، وفرغته قبل شغله، قبل سقمّ وكبرّ وهــرمّ يمله طبيبه ويعرض عنه حبيبه).
2 ـ الخصائص الأنفعالية : أبتـــداءاً يمكن القول بأن الخصائص الأنفعاليـــة للمسنين تتسم بأنها ذاتية المركــز، أي أنها تدور حول الذات أكثر مما تدور حول الأخرين وهذا بدوره يؤدي الى نوع من أنماط الأنانية لديهم حيث يلجأ المسنون من خلالها لإستحواذ أنتبــاه المحيطين به ، وأن المسنين ليس لهم القــدرة على التحكم الصحيح بأنفعالاتهـم فهي خليط مزدوج من أنفعالات المراحل العمرية التي يمر بها الفرد، فترى بعضها يوافق أنفعالات مرحلة الطفولة وبعضها يتوافق مع أنفعالات المراهقة وبعضها الأخر يحاكي مرحلة الشباب والرشد، بمعنى أخـر أن هذه المرحلة العمرية تمثل محصلة الجوانب الأنفعالية المتعلقة بمراحل النمو المختلفة للفرد. وبشكل عام يمكن القــول بأن الجانب الأنفعالــــي للمسن يغلب عليــه لون غريب من التعصب للــرأي والعواطف وللجيل الذي ينتمــون اليه وبالتالي لكل ما يمت اليهـــم بصله ، فنــراه متطرفاً في نقد سلوكيات الأجيال التاليـــة ومعاييرهم الأجتماعية وعندما لايتقبل الأخرون أرائهم وتعصبهم فأنهم يشعرون بنوع من الأضطهــاد في أعماق أنفسهم بحيث يؤدي بهم هذا الشعور بالاحساس العميق بالفشل وعدم القيمة والمهانة أحياناً أي تدني مفهــوم الذات لديهم وأعتقادهم بأن الأخرين لايتقبلونهم ولايرغبون بوجودهم في الحيـــاة ، الأمر الذي يؤدي الى نمو السلوكيات العدوانيـــة لديهم في مجابهة هذا الأضطهاد وأحياناً يكون موقفهم من هذه الأمـــور بشكل سلبي بحيث لاينفعلون أو يتفاعلون معها وكأنهم يعبرون بذلك عن الهوة الساحقة بينهم وبين الأجيال الأخــرى ، لذا فأن كثير منهم تتصف أنفعالاته بالخمول وبلادة الحس وأحياناً بالأغتراب عن البيئـة والمحيط وهذا مايزيد من تعاسته ونمو اليأس والسأم في ذاته، ورحم الله الشاعر الجاهلي زهير حين يقول:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً ، لاأباً لك يسئم
ويرى خطار( 1992 ) في هذا الصدد بأن أنفعــالات المسنين نحو المثيرات كثيـــراً مايكتنفها الخطــأ أزاء أدراك المواقف المحيطـة بهم ولذلك فأن أنفعالاتهم تكون شاذة لا تتناسب ومقومات الموقف الذي يثير في نفسه ذلك الأنفعال. (10 : 51 ـ 53).
3 ـ الخصائص العقلية : في الحقيقـــة تشير دراسات النمـــو الى ان الكفاءة العقليـــة العامـــة للمرء تبقى ثابتـــه نسبياً حتى أول الخمسينات، ثم تبدأ بعد ذلك بالتدهور ببطء مع تقدم العمر نحو الستين.( 13 : 387). أما من حيث قـــدرة المسنين على التعلم والتذكرفأنها ايضاً تبدأ بالتدهور قليلاً ومع تزايد العمر ولو أن هناك بعض الأراء التي تؤكـــد وخاصة بالنسبة لعمليـــة التذكر بأنها قد تتناسب طردياً مع التقدم العمري ، حيث ان المسن قد يتذكر أحداث وقعت له في السنوات الأولى من عمره. ويرى الطحان (1984) ، أن قــدرة الفرد على الأدراك كعمليـة عقلية أساسية من عمليات التعلم تتأثر بضعف القشرة المخيــة نتيجة كبر السن ، وأن الدراسات أكدت على أن القدرة الأستدلاليــــة أكثر القدرات تدهوراً في سن الشيخوخة.( 5 : 134).
4 ـ الخصائص الأجتماعية : أن الخصائص الأجتماعيــة للمسن ترتبط في حقيقة الأمر بالعديد من المتغيرات والتي تكمن في النسق الأجتمــاعي الذي يعيش فيه المسن بالاضافة الى سماته الشخصيــــة ، كما يلاحظ أن العلاقات الأجتماعية للمسن بشكل عام تكاد تكون مقتصرة الى حد كبيـر على أقرانه القدماء والذين يعيشون بالقرب منه ( لتعذر تنقله الى أماكن بعيــــدة حيث يقطن بعض أصدقائه) ، بالاضافـــة الى ذلك فأن المسن ليست لديـــه الهمــة والأندفاع لتكوين علاقــات جديدة وهذا مايجعل العـــلاقات الأجتماعيـــة لهم ضيقة وقد تقتصر أحياناً على الأبناء والأحفاد ، مما ينتج عن هذا شعور المسن بالوحــدة القاسية والذي يؤدي الى شعورهم بالسأم والملل وعدم الأبتهاج لما هم عليـــه ، ولهذا السبب تعتريهــم الوحشة بسبب انقراض أقرانهم واحداً تلو الأخر فـلا يرى أحد من أقرانه أو أصدقاء طفولته فتدب الوحشة في نفســه ويستوحش المكــان والزمــان وخاصة بعد رحيل رفيق العمر ( الزوج أو الزوجة) فعندها تتحول الحيـــاة بالنسبة اليـــه الى جحيـم مطبق ، ورحم الله السياب حين يقول:
ذهبت فأستحال بعدك النهـــار كأنـــه الغروب كأنما سحبت من خيوطه النضار وظلل المدارج إنكسار ومثلها أنكسرت، غام في خيالي الجنوب. | |
|